لستُ طبيب أسنان ، لكن لأجل معرفتي بحال الأطبّاء ، فيمكن لي جوابك ، فهم لا يفترقون عن العوام بشيء ، إلاّ قلّة قليلة جدّا ، هذه حقيقة للأسف ، وخصوصا أطبّاء العام ، فلا بارك الله بتلك الأموال التي يقتطعونها من رواتبنا للصحّة ، وهي والله سرقة ونصب واحتيال ،
لا أُحب اعتماد المريض على الطبيب في كلّ شيء، فلا أتصوّر وجود إنسان عاقل مليح العقل مستقيم النفس لا يعرف ما يضرّ جسده وما ينفعه ، فهل يعقل أن أجد واحدا مصابا بالقولون العصبي من عشرين سنة ولا يعرف أن البقوليات تجعل قولونه مثل منطاط مليء بالهيدروجين ..!!
هذا الشخص ليس إنسانا أبدا ، فمن لم يراقب ويراعي جسده كيف سيرعى غيره ..!! فم لم ينتبه للحمه وعظمه وسنّه وشعره وكرشه كيف سينتبه لأبنائه ولبيته ولمن يلي ..!!
فينبغي على الإنسان أن يعرف ما يضرّه وما ينفعه ، فبعض الأمراض التي يصرفون عليها آلاف الدنانير ترجع لسبب بسيط قد يكون بسبب شرب الحليب ، أو بسبب أكل البيض ، أو أكل الحوامض ، فبعض الأجساد تتحسّس من بعض أنواع المشروبات والأطعمة ، والطبيب لا يعرف هذا بغير استجواب المريض ، والطبيب لا يرعى إلاّ اختلالا في عمل وظائف الأعضاء ، لكن ليس من شغلته ولا عملته أن يعرف السبب ..!!؟؟
يعني هو يعالج الأعراض ولا يعالج السبب ، فالأسباب لها طبيب آخر ، وعلم آخر ، وكلّيّة أخرى ، فليفهم هذا جيّدا ،
ولكنّني لا أجد حرجا من يستجوب طبيب الأسنان المريض ، فوالله إنّ هذا الاستجواب أحسن وأصلح من إصلاح الطبيب للسنّ ، فالطبيب الذي لا يسأل المريض عن طريقة حياته ، فلا يختلف عن ذلك النوري الذي يحمل بيده كيسا أسود فيه كمّاشة ومطرقة لخلع وتركيب الأسنان ، فلماذا لا يسأل الطبيب شابّا لا يوجد في فمه سنّ مثل البشر عن سبب هذا الخراب والدمار في فمه ،.؟؟
فلا بدّ للطبيب قبل أن يعالج ويصلح السنّ أن يعرف أسباب التسوّس ، وعن كيفية حياته ، وماذا يأكل ويشرب ، وكيف ينظّف أسنانه ، وهذه الأسئلة كلّها لا تحتاج لأكثر من خمس دقائق ،
وأطبّاؤنا يقعدون ساعة ونصف وهم يسألونك عن عشيرتك ، وكم عندك من أراض ، ولماذا جد جدّ جدّك باع الأرض الفلانية ، وأبو الذي خلّف جدّ جدّك أين كان يسكن ، يا أخي هداك الله ، بدل هذا الرغي انصحني لأغيّر حياتي الصحيّة للأفضل ، ..!! فأنت طبيب ولست حكواتي أو حلاّق يريد أن يسايرك لتعود إليه مرّة أخرى ..!!
فقد يكون المريض ينظّف فمه دائما مثل أخينا السائل ، لكنّه لا يدري شيئا عن شيء اسمه الخيط للحفاظ على الأسنان ، أو ضرورة توفير كمّية مناسبة من الكلس للأسنان ،
وأهمّ ثلاثة أشياء للحفاظ على الأسنان هي : التنظيف اليومي بالفرشاة ، لكن كم مرّة .؟؟
هنا ينتهي دور الطبيب ، ويأتي دور المريض ، هو من يعرف ما تحتاجه أسنانه من نظافة ، لأنّ معيار طهارتها وتعقيمها يعتمد على طبيعة جسده ولعابه وأكله ونومه ودخّانه وغير هذا عاداته الشخصيّة ،
لأنّ طبيعة الأجساد مختلفة ، فربّ جسد كثير العرق كثير القرف، يحتاج للاغتسال اليومي ، وربّ جسد لا يعرق بالمرّة ، وربّ جسد يحتاج إلى نوم وراحة كثيرة ، وربّ جسد لا يحتاج إلاّ لقليل نوم ، ليقوم من فراشه مليئا بالنشاط والحيوية ،
وكذا الأسنان ، فبعضهم كثير الأكل للحوامض والسكّريات ، وبعضهم لا يذوق الحوامض أو السكّريات بالمرّة ، وبعضهم يشرب الأبيض من الطعام والشراب ، وهو الذي يكثر فيه الكلس ، كالموز والحليب والقشطة واللفت والحمّص ، وغير هذا من أطعمة فيها كلس كثير ،
وبعض الناس لا تجد في أطعمتهم ذرّة كلس ، فأمر طبيعي لشخص يحبّ الحامض مثلا ، أن تتلف أسنانه بسرعة ، وأمر طبيعي لشخص كثير الأكل للسكرّيات أن تتسوّس أسنانه بسرعة ،
والأمر الثاني : ضرورة المضمضة بالماء والملح كلّ يوم ، فهذا الخليط العجيب لا يترك سوسة واحدة في فمك تمشي على قدمين ، وهذه النقطة يغفل عنها أكثر الناس ،
والأمر الثالث : الخيط ، يكفي بقاء شيء قليل من لحم أو خضار أو خبز بين أسنانك لمدّة خمس دقائق حتّى تصير رائحة فمك مثل راحة فم أكثر العالم العربي ، شيء مقرف ،
فقد كتب أحد .... من بريطانيا كتابا عن ... في العالم العربي وهو ممنوع من النشر في بلاد العرب ، وبعد كلام مثير يقول : وأغلب العالم العربي لا يعتنون بأسنانهم ، فأسنانهم في غاية القرف ، وخصوصا في وقت الظهر ، فلا تكاد تجد واحدا تقدر على الحديث معه وجها لوجه ،..!!
ولا تنس تنظيف لسانك ، ولا أقصد بلسانك طرف لسانك الذي تُخرجه حين تداعب ولدك يا حبيبي ، بل لسانك الذي هو قاع قاع قاع لسانك ، يعني اللغاليغ ، حتّى تقول : كغ كغ كغ ،
إذن ، نلخّص لك الكلام السابق في نقاط :
1- عليك باستخدام الخيط الطبّي أو الخيط العادي إذا لم يتوفر الخيط الطبّي لتنظيف ما بين الأسنان بعد الطعام وخصوصا عند أكل اللحوم الحمراء ، فأكثر التسوّس يكون بسبب بقايا الطعام المتعفّنة بين الأسنان وهذه البقايا لا تقدر فرشاة الأسنان على إزالتها ...
2- عليك أن تحافظ على شرب اللبن أو الحليب أو أكل الأجبان يوميّا لتوفير الكمّية المناسبة للكلس للأسنان ، فكثير من حالات التسوّس وضعف الأسنان بسبب سوء التغذية ..
3- عليك أن تتمضمض يوميا قبل أن تنام بالماء والملح ولو لمرّة واحدة يوميا على الأقل فالملح قاتل لأشهر جراثيم التسوس ، وهو قاتل لمجموعة واسعة من جراثيم الفم بشكل عام ...
4- عليك أن تفرشي أسنانك يوميا .، وهذا يختلف من شخص لآخر ، فبعض الناس يحتاج لمرّة واحدة يوميا .. وبعضهم لمرّتين ، وبعضهم لثلاث ، وهذا يظهر من خلال تتبّعك لقوّة أسنانك...
وأهمّ ثلاثة أشياء للمحافظة على أسنانك :
1- الخيط الطبّي لتنظيف بقايا الطعام بين الأسنان ...
2- أن تشرب كمّية جيّدة من الكلس يوميا ...
3- أن تنظّف أسنانك بالمعجون بعد أكلك للسكّريات ...
وأهمّ شيء في هذه القصّة يا حبيبي .. أن لا تنام قبل أن تفرشي أسنانك ... لأنّ اللعاب وهو قاتل للجراثيم يقلّ جدّا في الفم أثناء النوم والاسترخاء ولهذا يجب عليك أن تنظّف أسنانك قبل أن تنام ...
ملحوظة : لا بأس أن تمضغ العلكة أو اللبان أثناء عملك ،نّ العلكة تقوّي خلايا إفراز اللعاب وعضلات فكّيك وتزيل بقايا الطعام من بين أسنانك وهي معقّة جيّدة للفم ...
مع ملاحظة أنّ مضغ العلك يخرّب حشوة الأسنان، ولهذا لا أنصح بمضغ العلكة لمن كان عنده حشو في بعض أسنانه.، فأكثر حالات زعزعة هذه الحشوة وتغيّرها بسبب العلكة ... فهي شديدة وقوّية على الحشوات ، فإذا شعرت بوجود رائحة أو دخول للطعام في الحشوة فاذهب مباشرة للطبيب ليغيّر الحشوة ،وعليك بالعلم أنّ الحشوة الفضيّة لا ينصح بها كبار الأطبّاء ، بسبب مضارّها على الجهاز الهضمي ،وعليك بالحشوة البيضاء أو الصفراء ،فهي أمتن وتملأ مكان الرقع كاملا ...
وعليك بالعلم يا سيّدي أنّ منقوع الزعتر مطهّر كامل لجميع أمراض الفم ... فلو قدرت على المضمضة يوميا بهذا المنقوع لكان خيرا ، وإذا كان هناك مشاكل في اللسان فعليك بمنقوع البابونج ، لأنّه قاتل قوي لجمع أنواع الفطريات .
وعليك بتنظيف اللسان فالأبحاث تقول : إنّ أكثر من ثلثي رائحة الفم بسبب اللسان، فنظّفه بقلب فرشاة الأسنان رأسا على عقب من الجهة الخلفيّة ، أو بالفرشاة وذلك بأن تخرج لسانك وتدخل الفرشاة لتصل إلى أصل اللسان وأطرافه الداخلية فستجد وجود مستنقعات من الجراثيم في آخر لسانك ، وستجد كتلا صغيرة جدّا من هذه الجراثيم .،فنظّفها يرعاك الله ...
هل تعلم أنّ أكثر أمراض المعدة بسبب جراثيم الفم ...!! يكفي أن تعلم أن أشدّ جراثيم المعدة مقاومة للمضادات الحيوية ترجع إلى تعفّنات الأسنان .
فالسنّ المسوّس وما يحمله من قاذورات جرثومية كاف لإمراضك بشتّى أنواع المرض عياذا بالله ...
ببساطة ... اتبع هدي نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم ... !! والسّلام .